عودة الإمام الصدر الى إيران
أ. إصدار المجلة الحوزوية الأولى
عاد السيد موسى الى قم في سنة 1958م، فشارك في تأسيس مجلّة "مكتب إسلام" وتولّى رئاسة تحريرها، وكتب فيها عدة مقالات وكان لهذه المجلة الثقافية الإسلامية الأولى (التي صدرت في الحوزة العلمية في مدينة قم) الأثر المميز في تشكيل الوعي النهضوي في إيران.
وقبل ذلك، لم تكن ظروف الحوزة تساعد على تقبّل هذا النوع من النشاطات، وتطلّب دخول هذا الميدان التحلّي بشجاعة وإرادة استثنائية، وهكذا، وبالتوكل على الله، وبدعم آية الله العظمى البروجردي، وفي صيف 1958 م: صدر العدد الأول من المجلة، فنالت موضوعاتها اهتمام الشهيد مطهّري، وخاصةً مقالات السيد موسى الصدر حول "المذهب الاقتصادي في الإسلام"، لأنها كانت متناسبة مع متطلبات العصر لأنها كانت من الأبحاث الحديثة في ذلك الزمان.
ب. تأسيس المدرسة الأهلية
كان أعداء الإسلام يشنّون هجماتهم من كل جانب لإيجاد الانحراف الفكري عند الشعب المسلم في إيران، وفُرضت الثقافة المستوردة على الوزارات والمؤسسات والمراكز الثقافية والعلمية ووسائل الاتصال.. ولم تكن المدارس بعيدة عن مخططاتهم الشيطانية، فكان الأبناء الأبرياء يتلقون تربية فاسدة في المدارس، وكان لا بد من التصدّي لذلك في وقت أعرض المراجع العظام وعلماء الدين والأهالي المتدينين في قم عن إرسال أولادهم الى المدارس الرسمية لحفظهم من الانحراف معتمدين في ذلك على المواجهة السلبية.
أما الإمام الصدر فقد بادر مع أحد المثقفين المتدينين الى تحصيل رخصة تأسيس ثانوية أهلية، وتولّى سماحته إدارتها شخصياً، وعندها بدأ أبناء قم يتلقون تربية إسلامية إنسانية بعيدة عن مفاسد الحكّام.
ج. إصلاح نظام الحوزة
كان الإمام الصدر يعتقد بضرورة تطوير منهج الحوزات العلمية وإخراجها من التحجّر والجمود والاستغراق في الأحكام الفردية والعبادية لتمارس دورها في التصدي لمقتضيات الزمان، فقام الى جانب عدد من أصدقائه أمثال الشهيد د. بهشتي بتحرك تاريخي (في سنة 1959م)، فأعدّوا برنامجاً يتضمن خطوات أوّلية، لكن عدم توفّر الظروف والاستعدادات الكافية في الحوزة أدى الى تأجيل ذلك.