التطبير شعيرة من الشعائر الحسينية دأب المسلمون الشيعة على تأديتها في مراسم زيارة عاشوراء ليلة العاشر من محرم ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كتعبير عن مواساتهم لمصاب آل البيت عليهم السلام وحزنا وتقربا إلى الله تعالى بإعلانهم افتداء أرواحهم ونصرتهم إلى سبط رسوله صلى الله عليه واله وسلم وأحياءا وتخليدا لأمره، كتقليد موروث منذ مئات السنين فيما يرجعه البعض إلى السيدة زينب عليها السلام كأول من قام بهذه الشعيرة عندما ضربت رأسها بمحمل الخيمة جزعا على استشهاد أخيها الإمام الحسين عليه السلام في ذلك اليوم وهناك روايات وأمثلة عديدة يذكرها المؤرخون ورجال الدين عن ماهية التطبير وأبعاده النفسية والإيمانية على المتطبر.
على محمد الشريفي خادم في احد المواكب قال لنا في معرض إجابته عن استفسارنا لتاريخ شعيرة التطبير: ( قدم هذه الشعيرة وسنته يعوده البعض إلى السيدة زينب عليها السلام عندما ضربت رأسها بمحمل الخيمة جزعا وسال دمها الطاهر على وجهها على استشهاد أبا عبد الله الحسين عليهما السلام وهي عالمة غير معلمة وتمتلك العصمة الصغرى, فأتخذه محبي آل البيت عليهم السلام سنة لهم).
احد الأشخاص تقدم منا وقد حلق رأسه ولبس الكفن تهيأ للتطبير سألناه عن سبب قيامه بلبس الكفن وحلاقة رأسه فقال لـ(شبكة النبأ): ( أولاً لبس الكفن اعتبره من صدق النية تجاه عقيدتي وإصراري على التضحية بأغلى ما امتلك وهي روحي افتداء للحق فقضية كربلاء لا تزال قائمة مادام هناك شر وعداء لآل البيت وصوت الإمام الحسين لا يزال يدوي عاليا ما دام هناك طواغيت وظلم فلبسي الكفن إعلاني الذود بنفسي في سبيل ما استشهد لأجله أبا عبد الله الحسين عليه السلام، وبخصوص حلاقة الرأس فللتطهر والاستعداد للتطبير نفسيا وصحيا.
أما الأستاذ عماد فاضل احد تدريسيي جامعة بغداد والذي قدم من العاصمة للمشاركة في المراسم حدثنا والأسى ظاهر في ثنايا كلامه: ( مع شديد الأسف هناك من يشكك على جهل بهذه الشعيرة المقدسة لدى شيعة آل البيت عليهم السلام وأروى لكم حادثة ووقعت مع السيد محسن الحكيم قدس سره المرجع الديني الأعلى في وقته حيث تقدم له عدد من الأطباء بطلب فتوى التبرع بالدم إلى المستشفيات بدلا من التطبير فلم يعترض أو يجيز ولكنه أعاد الأمر إلى الشخص نفسه بالتبرع أو التطبير ولكن في نفس الليلة طاف عليه في المنام الإمام الحسين عليه السلام غاضبا وهو يردد (مالكَ وشعائري) ثلاث مرات فعندما استفاق المرجع خلع عمامته ونزل ليطبّر أمام الناس نادما على سكوته لكلام الأطباء).
أما السيد باسم الخالدي وهو مشرف على تنظيم سرادق زنجيل وتطبير موكب أحباب الزهراء، أضاف قائلا: ( لقد اجمع علماء الأمة ومجتهديها على استحباب التطبير لما له من اثر معنوي ومادي على الشخص المتطبر لكونه يحفز الإيثار والتضحية لدى الفرد في سبيل نصرة الحق والثبات عليه بالإضافة إلى كونه يعتبر نوع من أنواع الحجامة وتنقية الدم وفي كثير من الحالات شفي عدد من المرضى بعد قيامهم بالتطبير وهناك ظاهرة معروفة لدى الجميع وهي اندمال جروح الرأس بعد سويعات معدودة من التطبير).
أما السيد صباح الطالقاني وهو احد إعلاميي المكاتب الدينية في كربلاء فقد أوضح لنا خلال حديثه عن مجمل ماهية التطبير ومبرراته حيث قال : ( كون مجتمعنا واقصد به المجتمع الشيعي الاثنى عشري ينتهج أسلوب التقليد في أمور الدين والدنيا فنحن نؤمن بالفتوى الموحدة تقريبا لكافة علمائنا خلال القرن الماضي باستحباب هذه الشعيرة، بل التأكيد عليها في بعض الفتاوى، ولكن جميع علمائنا الأجلاء الماضون منهم والحاضرون، أكدوا على فقرة مهمة في هذا الموضوع وهي (مع منع الضرر) والظاهر إن القصد هنا هو، ترك جواز الأمر إلى الشخص نفسه لمستوى الأذى الذي من الممكن أن يتحمله هو، بحيث إن الموجب على من يمارس التطبير معرفة مقدار الأذى الذي سيحيق به، وإلا فلا يجوز له إكراه النفس على ما لا تتحمله، وعلى حد علمي لم اسمع أو أرى خلال السنين الماضية أي حالة وفاة أو مضاعفات سلبية جراء التطبير، بل على العكس فلهذه الشعيرة اثر صحي ايجابي روحياً ومعنوياً وعضوياً يشعر به ويتحدث عنه كل من قام بها.
الشيخ جاسم الغزي من محافظة البصرة أوضح لنا اعتراضه على رأي البعض للحد من ظاهرة التطبير قائلا لـ(شبكة النبأ): مع شديد الأسف أن هناك بعض الأحزاب تحاول الحد من هذه الظاهرة بمبررات لا قيمة لها ووصف هذه الشعيرة بالتخلف والجهل علما إن تلك الأحزاب تسنمت السلطة في العراق مؤخرا بدوافع وشعارات حسينية ودينية وبأصوات من يقوم الان بالتطبير التي تحاول تلك الأحزاب الحد منه ولكن دون جدوى، فالنظام الدكتاتوري البائد بذل أقصى جهده في محاربة الشعائر الحسينية ولكنه زال، والشعائر بقت، واستمرت وستبقى على مدى الدهر[
عدل سابقا من قبل Moussa في الأربعاء أكتوبر 27, 2010 6:01 am عدل 1 مرات