زيارة السيد موسى الى لبنان
قدِم السيد موسى الى لبنان (أرض أجداده) لأول مرة في سنة 1955م، وذلك بعد سنتين من إقامته في النجف الأشرف، فتعرّف على أنسبائه في "صور" و"شحور" و"معركة"، وحلّ ضيفاً عند العلامة الجليل السيد عبد الحسين شرف الدين.
وقد شاهد السيد موسى (خلال زيارته هذه) وقائع مهمة سبق وقرأ حولها في الكتب، وسمع عنها من والده وعائلته، فشعر بمسؤوليته التاريخية تجاه ما رآه من التخلف الثقافي والاقتصادي.
وقد برزت شخصية السيد (خلال زيارته) وتقدّمها العلمي والأخلاقي والسياسي بشكل تجاوز رجال الدين والسياسة في لبنان، إضافةً الى مواقفه الشجاعة ودوره الساطع والأساسي في تعبئة الشعب اللبناني ضد المستعمرين.
أ. التكليف التاريخي
جاءت زيارة السيد الى لبنان في وقت كان العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين يستعد لوداع الدار الفانية ويبحث عن خليفة ينوب عنه، فاكتشف أثناء حواره مع السيد موسى نبوغه ومزاياه العلمية وسجاياه الأخلاقية وجدارته القيادية التي أثبتت له (إضافةً لما عرفه عنه أثناء وجوده في قم والنجف) أنه وجد ما كان يبحث عنه، فانتجبه قائداً مستقبلياً في لبنان، وأخذ يتحدث حول لياقته ويعرّف الناس على شخصيته الجامعة..
بعد زيارته القصيرة الى لبنان، عاد السيد الصدر الى النجف، وذلك لمتابعة تحصيله العلمي.
ب. ميثاق الزواج
فكّر السيد الصدر (في سنة 1956 م) بتشكيل أسرة وانتخاب زوجة لائقة تضفي السكينة والعزيمة على حياته الحافلة بالمعاناة، لأنّ العالِم الربّاني المدرِك لمسؤولياته يعيش دوماً في خضمّ الحوادث ويمضي معظم أوقاته في مقارعة الجبابرة ويتعرض للسجن والإبعاد، فلا بد للمرأة أن تتمتع بروحية عالية ومزايا تمكّنها من العيش مع هذا النوع من الرجال..
وهكذا، تزوّج السيد الصدر وله من العمر 28 سنة، وأنجب هذا الزواج المبارك أربعة أولاد، وهم: صدر الدين، وحميد، وحوراء، ومليحة.
ج. ثقة زعيم الحوزة العلمية آية الله البروجردي
لم يكن السيد عبد الحسين شرف الدين العالِم الحكيم الوحيد الذي أُعجب بعظَمة السيد موسى، بل جذب بشخصيته الجامعة الكثير من المواقع الدينية والجامعية، فحاز سماحته على ثقة المرجع البصير آية الله العظمى السيد البروجردي لتمثيله المطلق في إيطاليا حين أعدّ لائحة تضم شخصيات لامعة في الحوزة لتكليفهم بهذا النوع من المسؤوليات.
وبعد وفاة السيد عبد الحسين شرف الدين (في سنة 1957م) كتب أنصاره رسالة الى الإمام الصدر دعوه فيها الى لبنان، وحاول مشيّعو جثمانه الطاهر الى النجف اصطحاب الإمام الصدر معهم الى لبنان، وقد أشار إليه المرجع البروجردي لتلبية الدعوة.
د. تأييد المرجع الكبير السيد محسن الحكيم
بعد وفاة السيد عبد الحسين شرف الدين، نتج عن ذلك فراغ كبير في لبنان، فبادر المرجع الأكبر السيد محسن الحكيم إلى ملئه عبر إقناع الإمام الصدر (تلميذه آنذاك) بتلبية الدعوة والذهاب الى "صور"، وأرسل معه رسائل عديدة إلى وجهاء الشيعة وأعيانهم يخبرهم فيها عن ميّزات ومواهب الإمام الصدر.