يقع البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب آسيا و إلى الشمال من أفريقيا و إلى الجنوب من أوربا . ويغطي مساحة تقدر بحوالي 2.5 مليون كم2 ،يعتبر يتصل بالمحيط الاطلسي بمضيق جبل طارق ، ويتصل بالبحر الاسود بمضيق الدردنيل ، و بالبحر الاحمر عن طريق قناة السويس . يعرف أيضا بالاسم الشائع البحر الأبيض المتوسط .

عرف البحر المتوسط بعدة أسماء خلال التاريخ فعلى سبيل المثال كان الرومان يسمونه ميرنوسترم أي بحرنا.في العبرية يسمى هايام هاتيشون أي البحر الأوسط. ويطلق عليه الأتراك "أكدنيز" التي تعني البحر الأبيض.

التاريخ

كان البحر الأبيض المتوسط منطقة ازدهار حضاري طوال تاريخه. فقد نمت الحضارات القديمة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، حيثما كانت الظروف مواتية لتطورها. فقد شجع المناخ المعتدل الاستيطان البشري. كما جعل هدوء مياه البحر والرياح المستقرة معظم أيام السنة، العمل بالبحر سهلاً. علاوةً على ذلك تميـز البحـر بوفـرة الموانـئ الطبيعية والجزر الكثيرة التي كان بإمكان البحارة استخدامها كموانئ.

ومن المرجح أن تكون الحضارة المصرية أولى الحضارات التي تطورت في منطقة البحر الأبيض المتوسط. فقد نعم المصريون بحكومة وطنية موحدة حوالي 3100ق.م. واستعملوا نظام الكتابة مع حلول عام 3000 ق.م. وأول حضارة أوروبية مهمة كانت الحضارة المينوية التي ظهرت في جزيرة كريت حوالي 3000ق.م. وقد ظهرت الحضارة الهيلادية في بلاد اليونان. كما أصبحت مدينة مسِّيني قوية للغاية حتى إن بعض المؤرخين سمى الحضارة الهيلادية المسِّينية. لقد سيطرت السفن المسِّينية على الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط حوالي 1450ق.م. فتاجرت مع مدن تقع فيما يُعرف الآن بسوريا ولبنان.

أخذ الفينيقيون بعد عام 1200ق.م يسيطرون على البحر الأبيض المتوسط. فمن مواطنهم على الشواطئ الشرقية، أبحروا إلى كافة أجزائه وسافروا عبر مضيق جبل طارق إلى المحيط الأطلسي. وأقام الفينيقيون، مستعمرة قرطاج التي أصبحت قوة بحرية بذاتها بعد حوالي عام 600ق.م.

كانت الإمبراطورية الرومانية، مع حلول القرن الثاني الميلادي، تحكم جميع الأراضي المحاذية للبحر المتوسط. لقد سمى الرومان البحر الأبيض المتوسط باسم ماري نوسترم أي بحرنا. وكان البحر الأبيض المتوسط قرونًا طويلة أعظم طريق بحري في العالم، ومن القرن الثاني عشر إلى القرن الخامس عشر الميلاديين عملت المراكز التجارية المطلة عليه مثل برشلونة والقسطنطينية وجنوة والبندقية على ربط أوروبا بآسيا. فكانت سفن هذه المدن تنقل البضائع من الهند والصين عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. لقد أبحر المكتشف البرتغالي فاسكو دا جاما حول إفريقيا عام 1497م، ووصل الهند عام 1498م، وأخذت بعد ذلك السفن التجارية تستخدم هذا الطريق البحري السهل للوصول إلى الشرق. ونتيجة لذلك تراجعت أهمية البحر الأبيض المتوسط بوصفه طريقًا تجاريًا، واستمر الوضع كذلك حتى القرن التاسع عشر الميلادي. فقد جعل افتتاح قناة السويس عام 1869م البحر الأبيض المتوسط جزءًا من أقصر طريق بحري بين أوروبا وآسيا. كان البحر الأبيض المتوسط ولحوالي مائة عام واحدًا من أكثر الخطوط البحرية انشغالاً. لقد أُغلقت قناة السويس خلال الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1967م. وأُعيد فتحها عام 1975م.


تكون البحر الأبيض المتوسط



تكوّن البحر الأبيض المتوسط. يمكن تفسير تكوّن البحر الأبيض المتوسط من خلال نظرية الصحاف التكتونية، فقبل حوالي 250 مليون سنة كانت القارات تشكل كتلة أرضية واحدة تدعى بانجي. وكان بحر تيثس خليجًا ضخمًا تطور ليصبح البحر الأبيض المتوسط على الساحل الشرقي لبانجي. وخلال القرون انقسمت بانجي إلى قارات فبدأت بالزحف التدريجي نحو أماكنها الحالية. ودارت إفريقيا أثناء الزحف بعكس اتجاه عقارب الساعة، بينما دارت أوراسيا باتجاه عقارب الساعة. وقد فتحت حركة هذه القارات طريقًا مائيًا في أقصى الطرف الغربي للبحر موصلة إياه بالمحيط الأطلسي قبل حوالي 65 مليون سنة، وقد أغلق دوران هاتين القارتين الطرف الشرقي لبحر تيثس. وبذلك أخذ البحر الأبيض المتوسط شكله الحالي.

يعتقد بعض علماء الأرض أن البحر الأبيض المتوسط قد جف حوالي 12 مرة قبل حوالي 5,7 ـ 5,5 مليون سنة. وقد عملت خلال هذه الفترة حركة قارتي إفريقيا وأوروبا باستمرار على إغلاق وفتح مضيق جبل طارق.

وكل مرة أُغلق فيها كان البحر يأخذ بالجفاف بعد حوالي 1,000 سنة من التبخر، وكانت تتبقى فقط صحراء شاسعة تتناثر عليها بعض البحيرات المالحة. وعندما كان ينفتح المضيق كانت تتدفق المياه من المحيط الأطلسي مكونةً شلالاً مائيًا ضخمًا، ويحمل هذا الشلال من المياه حوالي 1,000 ضعف ما تحمله شلالات نياجارا في أمريكا الشمالية، وتعيد ملء البحر الأبيض المتوسط خلال حوالي 100 سنة. وفي عام 1970م وجد العلماء شواهد تؤيد النظرية الصحراوية. وفي ذلك العام حفر الجيولوجيون الذين كانوا على متن سفينة الأبحاث المسماة جلومار تشالنجر في قلب صخور أُخذت من قاع البحر الأبيض المتوسط. وقد احتوت هذه الصخور على معادن تدعى متبخرات (رواسب التبخر)، تشكلت بفعل تبخر المياه المالحة.